قد يفهم البعض أنني أصب في الجانب المادي فقط ولكن الأبعاد متعددة ومتشعبة وتحتاج إلى الكثير والكثير لسرد تفاصيل هذه الأبعاد, وهي الأبعاد التي يدركها فقط المطحونيين ممن تتخللهم ويتخللونها, ولنكتفي هنا ولو بشكل مؤقت بما لا خلاف عليه من حقائق واقعية وكارثية.

- عدد العاملين المصريين في ليبيا 2 مليون مصري تقريبا وفقا للإحصاءات الواقعية والغير رسمية, ما يقارب المليون منهم يدخلون الأراضي الليبية بشكل غير رسمي من خلال التهريب أو الإستمرار بعد انتهاء فترة الإقامة.
- الحد الأدنى لدخل العامل المصري في ليبيا "والذي لا يمتلك حرفة", يتراوح بين 1000 و 1500 دينار ليبيي.
- الحد الأدنى لدخل الفرد صحاب الحرفة لا يقل عن 2000 دينار ليبي
- وبعملية حسابية بسيطة من خلال هذه الأرقام نخلص إلى:
2 مليون مصري * 1500 دينار "متوسط دخل العمال وأصحاب الحرف" = 3 مليار دينار شهريا
3 مليار دينار * 12 شهر = 36 مليار دينار في السنة
36 مليار دينار * 5.60 جنيه مصري "مقابل الدينار الليبي اليوم" = 201.600.000.000 أي "201 مليار و 600 مليون" جنيه مصري سنويا.
- هذه الأرقام هي حدود دنيا فالرقم قد يكون ضعف هذا الرقم خاصةً إذا تطرقنا إلى أصحاب مهن أخرى بالمدارس أو الكليات الليبية أو الأطباء أو المهندسين ... الخ
وهذا حتى نكون بعيدين تماما عن أية مبالغة.
- هذه الأرقام تم الحصول عليها من عدة أشخاص يعملون بدولة ليبيا الشقيقة.
- هذه الأرقام تدخل بشكل مباشر إلى الدولة المصرية ولا يتم تهريبها إلى بنوك أجنبية خارجية كي لا تدفع عنها ضرائب
- هذه الأرقام يستفيد منها 2 مليون أُسرة مصرية تقريبا مضروبا في عدد أفراد الأسرة أي في المتوسط 4 مليون مصري فما أكثر.
- المصريين العاملين بليبيا رفعوا عن كاهل الدولة ما تنفقه على المقيمين بداخلها من استهلاك الطاقة بأنواعها والمياه والرعاية الصحية من تأمين صحي وخلافه ...الخ
وهو ما يُعد توفيرا لمليارات أخرى للدولة "ليس مجال بحثها الآن وقد نفرد لها تقرير آخر".
هناك بُعد آخر يتمثل في تجنيب الدولة رفع عدد البطالة لأن كون هذا العدد الضخم يعود إلى مصر فهذا يعني إما أن توفر الدولة لهم فرص عمل وهذا مستحيل, وإما أن ينضموا إلى طابور العاطلين, وهو ما يعني تشريد أو معاناة آلاف الأسر ممن يُعيلها هؤلاء.
وهنا علينا ألا نتجاهل قابلية الكثيرين لإرتكاب أعمال إجرامية من سرقة أو ما يفوقها من أجل توفير الأموال اللازمة لإعالة هؤلاء لأسرهم, أو الإتجاه إلى التسول بما أنها أصبحت المهنة التي تمتهنها الدولة بأرفع مؤسساتها وبقمة سلطتها بل وتفاخر بها!!!
وبناء على ما سبق قد يستطيع أي متابع للأحداث أن يدرك مدى الحكمة التي أدارت بها القيادة السياسية الأزمة المفتعلة مع الأشقاء في ليبيا وإن كانت بالفعل إدارة حكيمة أم أنها إدارة حمقاء لا تصدر عن أشخاص يحملون أو يمتلكون أدنى حدود الإهتمام بهذا الشعب المطحون والمقموع وممتهن الكرامة وأدنى حقوقة الآدمية والمادية.

أعتقد أنه يجب التنويه إلى أنه يجب علينا أن نبتعد ولو قليلا عن النعرات والخرافات المتمثلة في الزعامة الإلاهية المدعاة لكل شخص تفرضه علينا المؤسسة العسكرية بقوة السلاح الذي يسلب ثمنه من قوتنا وصحتنا وآدميتنا, هذا إن أردنا أن ندرك مدى الكارثة التي تُساق إليه مصرنا الحبيبة.

ما سبق هو جزء من كل ولكنه جزء واضح وقريب جدا من معاناة الكثيرين من المطحونين ,, لذا وجب التنويه.

بقلم / محمد عمر الناظر

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
حركة شباب أبوتشت - الجبهة الثورية © جميع الحقوق محفوظة